لا شك في أن أركان الإيمان هي عقائد مؤكدة يرتكز عليها
المجتمع حيث لا يكون فيها جدال وتتعلق بشكل كامل بما يعتقده المؤمن ويعتبر أهم ركن
من أركان الإيمان هو التوحيد بالله وذلك ما نزل به جميع الرسل حيث دعوا جميعهم أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأكدت ذلك الكتب السماوية التوراة والإنجيل
والقرآن الكريم، إضافة إلى ذلك السنة التي تركها لنا سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم، وقد آمن جميع المؤمنين بتلك العقائد.
مفهوم الإيمان
ينقسم تعريف الإيمان إلى جزأين:
1- معنى في اللغة وله
اصطلاح آخر فأما تعريف الإيمان في اللغة فيعني الاستقرار أو التأمين والذي يعد عكس
الخوف1، ويقول الله عز وجل في كتابه (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)2، كما
يقول رسولنا الحبيب (النجوم آمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السَّماءَ ما تُوعَدُ، وأنا أَمَنَةٌ لِأصحابي فإذا أنا
ذهَبْتُ أتى
أصحابي ما يُوعَدونَ، وأصحابي أَمَنَةٌ لِأُمَّتي فإذا ذهَب أصحابي أتى أُمَّتي ما
يُوعَدونَ)، وهنا يقصد بالإيمان أنه الحفظ من الخطر ويقصد أيضا بالإيمان التصديق (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)3.
2- الإيمان اصطلاحا على أنه فعل
يجب أن يجتمع فيه اللسان والعقل والقلب وكل ما يقوم به الإنسان يجب أن يدل على الإيمان،
وقد كان تعريفه عند الحنفية أنه قول باللسان واعتقاد بالجنان، ولكن هناك من يعرفه على أنه اعتقاد
بالقلب فقط أو معرفة بالقلب.
شعب الإيمان
تعتبر شعب الإيمان هي ما ذكره رسولنا الكريم عندما
قال (الإيمانُ بِضْعٌ وسبعونَ أو بِضْعٌ
وستُّونَ شُعبةً. فأفضلُها قول لا إلهَ إلَّا اللهُ. وأدناها إماطةُ الأذى عن
الطَّريقِ. والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ)،ولهذا تم اعتبار أن الإيمان يتفرع منه
شعب مختلفة وأهمها شهادة أن لا إله إلا الله والتي يزول الإيمان إذا زالت تلك
الشعبة ولكن منها ما يبقى الإيمان حتى إن زالت مثل إزاحة الأذى عن الطريق وقد تم
تقسيم شعب الإيمان إلى ثلاثة أقسام وهي:
- أعمال القلوب: أعمال القلوب يجب أن تتصل بالإيمان وهي
عبارة عن حب الله والرجوع إليه في جميع أعمالنا والتوكل عليه وأيضا الخوف منه
وكل ما يتعلق بالالتزام بالطاعات، كما يلزم الصبر والخضوع إلى أوامر الله
ومما لا شك فيه أن أعمال القلب والجوارح يتلازمان فإن القلب دائما يؤثر في
عمل الجوارح.
- أعمال الجوارح: تلك الأعمال هي ما تبين صدق الإيمان لدى
الأشخاص وتتمثل في الصوم والصلاة والجهاد في سبيل الله وكل ما يندرج تحت
العبادات التي أمر بها الله.
- أعمال اللسان: هي الأعمال التي يقوم بها المؤمن حتى يتقرب
إلى الله بها مثل الدعاء وقراءة القرآن ونطق الشهادة ونصح المؤمنين والدعوة
إلى الإيمان فكل ذلك يقوم به المؤمن بنية التقرب إلى الله.
أركان الإيمان
تم ذكر أركان الإيمان في كتاب الله أكثر
من مرة كما ذكرها الرسول الكريم في أحاديثه ويظهر ذلك حيث قال الله تعالى: (آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ
بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)4، وقوله تعالى: (لَّيْسَ
الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)5، كما قال أيضا في سورة النساء: (وَمَن يَكْفُرْ
بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)، وهذا يدل على أن الإيمان الصادق يجب أن يكون مصدقا لهذه
الأركان.
كما أن تحقيق الأركان يعتمد على تنفيذها قولا وفعلا حيث
أن الإيمان بالله ورسله وكتبه والإيمان باليوم الأخر والقضاء والقدر كل هذا يجب أن
يكون على نية خالصة لله وصادقة من المؤمن، حيث أن الإيمان بالله يجب أن يكون
إتباعا إلى جميع أوامره وقضاء جميع فروضه مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج و كل ما يأمر
به الله.
حديث أركان الإيمان
سأل الرسول الحبيب جبريل عن الإيمان حين
أتاه وهذا ما تم ذكره في الحديث الشريف الصحيح حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( ...
قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تُؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم
الآخر، وتُؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت ... )6،
وهذا يوضح أركان الإيمان الأكيدة
التي يجب الالتزام بها من قبل المؤمنين حتى يصلوا إلى أعلى درجات الإيمان بالله.
عدد أركان الإيمان
أركان الإيمان في الإسلام ستة هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره وقد جاء الرّسل جميعاً بأهمّ ركنٍ من
تلك الأركان، وهو توحيد الله عز وجل وأنه لا شريك له الواحد الأحد، وقاموا ببناء
رسالاتهم على تلك العقيدة وتتمثل تلك الأركان فيما يلي:
- الإيمان بالله: هو الإيمان بوجود الله وحده لا شريك له عن قلب ولسان
وعقل بكل جوارح الشخص يجب أن تشهد على ذلك مع الإيمان بجميع أسمائه وصفاته
التي تم ذكرها في القرآن والسنة أيضا، ومع هذا يلزم الاعتراف بأن الله وحده
هو القادر على كل شيء سواء خير أو شر وقادر على تبديل أحوال الخلق من الأسوأ
إلى الأحسن والعكس.
- الإيمان
بالملائكة: يجب أن يؤمن الفرد بالملائكة وأنهم من خلق الله عز وجل وخلقهم
الله لتنفيذ أوامره وهم موكلين بجميع الأعمال بداية من مراقبة أعمال الفرد وحتى
النفخ في السور يوم القيامة.7
- الإيمان بالكتب والرسالات السماوية: يلزم الإيمان بالكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن والتصديق على أنها كتب من الله عز وجل ويجب تنفيذ أوامره وطاعة ما جاء في تلك الكتب حيث قال الله تعالى: (المص - كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ - اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ).8
- الإيمان بالرسل والأنبياء: وذلك يلزم فيه التصديق بكل ما
جاء به رسل الله سبحانه وتعالى حيث أنه بعث في كل أمة رسول يدعوها إلى الهدى
وعبادة الله الواحد الأحد وترك العبادات الأخرى، وقد جاء كل رسول بآية مختلفة
تجعلهم يصدقونه ويؤمنون به.
- الإيمان باليوم الأخر: يجب الإيمان بيوم القيامة وأنه يوم
الحساب حيث لا ينفع مال ولا بنون وكل أمريء يحاسب بعمله، ويدخل المؤمن الجنة
بينما يدخل الكافر النار ويكون قد خسر خسارة عظيمة.9
- الإيمان
بالقضاء والقدر: وهو أن الله قدر كل شيء ولا يقدر أحد من الخلق على تغيير ما
قدر الله فيجب الإيمان بما كتبه الله لنا.
المراجع
أ ب مجموعة من
الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، "تعريف الإيمان
لغة"، الدرر السنية - الموسوعة العقدية، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2017.
بتصرّف.
↑ سورة قريش، آية: 4.
↑ سورة يوسف، آية: 17.
↑ سورة البقرة، آية: 285.
↑ سورة البقرة، آية: 177.
↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عمر بن الخطاب، الصفحة
أو الرقم: 8.
↑ محمد النجدي، أصول الإيمان (الطبعة الخامسة)،
السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية، صفحة 88، جزء 1. بتصرّف.
↑ سورة الأعراف، آية: 1-3.
↑ حامد بن محسن، فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب
التوحيد (الطبعة الأولى)، عمان-الأردن: دار المؤيد، صفحة 90، جزء 1. بتصرّف.