قصة سليمان عليه السلام
قال تعالي : ( وَوَهَبْنَا لدواد سُلَيْمَان نِعْمَ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَوَّابٌ ) سورة ص
هو سليمان بن داود بن ايشا بن عويد بن عابر عليهما السلام من أنبياء الله عز وجل من بني اسرائيل أعطاه الله الملك والنبوة فقد ورث النبوة من أبيه نبي الله داود عليه السلام وأعطاه الله ملك لا ينبغي للحد من بعده فعلمه منطق الطير وسخر له كل الدواب والطيور والجن والإنس وتسبيح الجبال وسخر له الرياح .
ولم يكن هذا ميراثا في المال لانه ثبت عن النبي ﷺ أنه قال :( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ) فالأنبياء لا تورث عنهم أموالهم بل تكون صدقة من بعدهم
صفات نبي الله سليمان عليه السلام
كان نبي الله سليمان عليه السلام شديد الفطنة والذكاء ورزقه الله عز وجل الحكمة وحسن القضاء ، فكان نبي الله داود عليه السلام يشاوره في الأمور بالرغم من صغر سنه لفطنته وذكائه وقد بين القرآن الكريم ذلكقال الله تعالي ( وَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وعلماً وسخرنا مَع دَاوُد الْجِبَال يُسَبِّحْن وَالطَّيْر وَكُنَّا فَاعِلِين ) سورة الأنبياء
قصة أخري تبين مدي ذكاء وحكمة نبي الله سليمان عليه السلام : جاءت امرأتان ومعهما ابناهما فأكل الذئب واحدا منهما فتنازعتا في الآخر ، فقالت الكبري إنما أكل الذئب إبنك وقالت الصغرى : إنما أكل الذئب ابنك فذهبا الي نبي الله داود عليه السلام ليحكم بينهم فحكم به للكبرى فذهبا إلي سليمان عليه السلام فقال : أتوني بسكين أشقه نصفين وأعطي لكل واحدة منكم نصفه لتنطق الصغرى لاتفعل يرحمك الله فهو ابنها فقضي به لها .
بناء سليمان عليه السلام لبيت المقدس
بعد وفاة نبي الله داود عليه السلام بأربع سنوات قام سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس تنفيذا لوصية والده بعمارة بيت المقدس وانتهى من بنائه في سبع سنوات وأقام سورا خوله وانفق الكثير من الأموال في بنائه ، وبعد انتهائه من تجديد بيت المقدس شيد القصر الملكي وأنتهي من بنائه في ١٣ سنة ، وكان سليمان عليه السلام مهتما بالعمران والإصلاح والبناء فقد كان يمتلك أسطولا بحريا كبيرا وأهتم إيضا بالخيل فكان يروضها ويعدها للجهاد في سبيل الله في الحروب .
بعد الانتهاء من عمران بيت المقدس سأل سليمان عليه السلام الله عز وجل ثلاثا أمور فإعطاه الله منهم اثنين لحديث عن النبي ﷺ
( لما بني بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالًا ثلاثا فأعطاه اثنين ، ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة : سأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إياه ، وسأله ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فأعطاه إياه ، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته كمثل يوم ولدته أمه ، فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطاه إياه )
سيدنا سليمان ومعجزاته
سخر الله عز وجل ملكا لسليمان عليه السلام لاينبغي لاحد من بعده فسخر له الإنس والجن والطير وعلمه منطق جميع الحيوانات ولغتهم فكان يتحدث مع النمل والهدهد ، وسخر له الريح تجري بأمره فتسير به الي حيثما شاء فكان له بساط مركب من أخشاب يسع مايحتاج إليه فإذا أراد السفر أو قتال الأعداء حمل كل مايريده علي البساط ويأمر الريح فتدخل من تحت البساط فترفعه وتسير به مسرعة بإذن الله حيثما شاء .
كما سخر الله سبحانه وتعالي له الجن والشياطين فيغوصون في البحار لأستخراج المعادن واللآلئ والجواهر ، ويبنون الصروح الضخمة والقصور العالية والجفان التي تشبه الاحواض الكبيرة ، وسخر له الجن والشياطين لايخرجون عن طاعته وينفذون أوامره ومن يخرج منهم عن طاعته يعذبه ويقيده وينكل به .
وسخر الله عز وجل لسليمان عليه السلام ( عين القطر ) النحاس المذاب يجري بين يديه كالماء العدب يصنع منه مايشاء بدون النار .
قصة سليمان عليه السلام والنملة
خرج سليمان عليه السلام في جيشه من الإنس والجن والطير حتي نزل بوادي النمل وكان النمل يحمل الحبوب لحملها الي مساكنهم وعند اقتراب جيش سليمان عليه السلام من الوادي سمع نملة تتحدث قائلة أيها النمل أدخلوا الي مساكنكم حذرا من يحطهم سليمان وجيشه وهم لا يشعرون وقد ألهم الله عز وجل هذه النملة بمعرفة نبيه سليمان عليه السلام ، فتبسم سليمان عليه السلام من قول النملة ودعا الله شاكرا علي نعمته وقال ( ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ) سورة النمل
قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ (بلقيس )
كان نبي الله سليمان عليه السلام أتخذ من الملك الذي رزقه الله إياه سبيلا في دعوته للإسلام و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فخاطب ملوك الأرض الكافرين ودعاهم الي الإسلام ومن لم يستجب منهم مان السيف هو الحكم الفصل ، فأنتشر دين الله في ارجاء الدنيا .
قصة سيدنا سليمان والهدهد
بعد تحرك سليمان عليه السلام وجيشه من واد النمل مر بأرض جرداء لاماء فيها فأصاب جنوده العطش وسألوه الماء ، فأمر سليمان عليه السلام الجن والشياطين بحفر الآبار كي يستخرجوا الماء للشرب ، فقام الجن والشياطين بالحفر ولكن لم يجدوا الماء فرجعوا الي سليمان عليه السلام وأخبروه أنهم لم يجدوا الماء وأشاروا عليه بإستخدام الهدهد للكشف عن المياه فقد خلق الله عز وجل الهدهد وأعطاه مقدرة علي الكشف عن الماء تحت تخوم الأرض فكان الهدهد يدلهم علي أماكن المياه فيحفر الجن والشياطين الأرض والصخر فتتفجر منها العيون .فخرج سليمان عليه السلام الي الطير ليتفقد الهدهد فلم يجده فتوعده بالعذاب الشديد لغيابه الا إذا جائه بعذر مقبول
قال الله تعالي ( وَتَفَقُّد الطّيْرِ فَقَالَ مَا لِي لَا أُرِي الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شديداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ ليأتني بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) سورة النمل
فأراد سليمان عليه السلام التأكد من صدق الهدهد وصحة كلامه فبعث بكتاب يوصله الهدهد الي بلقيس وكان يتضمن دعوتها وقومها لعبادة الله ورسوله والخضوع لملكه وسلطانه .
حمل الهدهد كتاب سليمان عليه السلام وذهب به الي بلقيس فألقاه عليها وأنتظر حتي يري جوابها علي كتاب نبي الله ، فقرأت بلقيس الكتاب وأمرت بجمع وزرائها وأمرائها لمشورتهم
( قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَإ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْت قَاطِعَةٌ أَمْرًا حَتَّي تَشْهَدُون ) سورة النمل
ذهب رسل بلقيس بالهدايا الي سليمان عليه السلام ووضعوها بين يديه فرفض نبي الله قبولها وقال لهم إن الله عز وجل أنعم عليه بما هو أكثر من ذلك ، وتوعدهم هم وبلقيس بأنه سيرسل الي بلادهم بجنود لا قدرة لهم علي قتالهم ويخرجهم من بلادهم أذلة صاغرين .
رجع رسل بلقيس إليها وأخبروها بعظم ملك سليمان عليه السلام وقوته وكثرة جنوده وأنه رفض هديتها وأنه مصمم علي غزو بلادها بجيشه العظيم ، فأيقنت بلقيس بعظم سلطان سليمان عليه السلام وقوته وعدم القدرة علي مواجهته فبعث إليه : أنها ستذهب إليه لتري مايدعو إليه ،
أراد نبي الله سليمان أن يظهر لبلقيس مدي عظمة سلطانه وقدرته التي منحه الله إياها ، فسأل سليمان جنوده من يأتيه بعرش بلقيس ؟ فتطوع نفر من الجن فقال : أنا آتيك به في فترة قصيرة لا تتجاوز نص النهار وأني عليه قوي أمين ، فقد كان سليمان عليه السلام يجلس للقضاء بين الناس من الفجر الي نصف النهار ، وقال رجل من أهل العلم والإيمان يشتهر بالتقوي أعطاه الله من العلم والمعرفة الكثير
(قال الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ أَنَا آتِيَكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَيْكَ طَرْفُكَ ) سورة النمل
وبالفعل جاء الرجل بعرش بلقيس قبل أن يرتد اليه بصره إذا أغمضه ، فشكر سليمان عليه السلام الله تعالي لفضله عليه ، وأمر سليمان عليه السلام جنوده بتغير معالم العرش ليختبر بلقيس في فهمها وعقلها .
فلما جاءت بلقيس لنبي الله سليمان سألها أهذا عرشك ؟ فردت قائله : كأنه هو . فكان ذلك من فطنتها وذكائها لانها استبعدت أن يكون هذا عرشها فقد خلفته ورائها في مملكتها تحت حراسة مشددة ، وعندما دخلت قصر سليمان عليه السلام رأت عظمته وملكه الذي لايوجد مثله ، فكانت أرضية القصر من زجاج وتجري من تحته الماء وفيه السمك وغيره من الكائنات التي تعيش في الماء فخيل لبلقيس أنها لجة من الماء فكشفت عن ساقيها ، لتكتشف بعد ذلك أنه زجاج .وما أن رأت عظمة سليمان وملكه حتي أمن بالله وأسلمت ودخلت تحت سلطان سليمان عليه السلام ويقال أنه تزوجها وأقرها علي ملك اليمن
قصة سليمان عليه السلام والجياد
كان سليمان عليه السلام محبا للجياد وتربيتها وفي ذات يوم عرضت عليه الجياد بالعشي فأشتغل بعرض الخيول حتي ذهب وقت صلاة العصر وغربت الشمس ، فأستغفر الله وتاب اليه عن حبه للجياد التي أنسته الصلاة وذكر الله وأمر برد الجياد إليه فمسح علي عراقيبها وأعناقها بالسيف .
وفاة سليمان عليه السلام
كان سليمان عليه السلام يسخر الجن والشياطين في الأعمال الصعبة والشاقة وفي ذات يوم وهو جالس يتعبد في بيت المقدس متكئا علي عصاه وافته المنية وهو علي هذا الحال ، وظل سنة كاملة متكئا علي عصاه حتي جاءت نملة وأكلت الجزء السفلي من عصاه حتي وقع علي الأرض وعرف الأنس والجان والقوم بموته ولم تعرف الجن ولا الشياطين بخبر وفاته ألا بعد فترة فقد كانت الشياطين والجن إذا تسللت داخل المسجد أحترقت فكانت تتطلع عليه من كوة ( شباك ) بيت المقدس فوجدته سقط ميتا بعد أن أكلت النملة عصاه ، وأخفي الله عز وجل خبر موته عن الجن لأنهم كانوا يقولون للناس أنهم يعلمون الغيب فأراد الله عز وجل بيان كذبهم للناس ، كما أخفي الله عز وجل وفاته كي يستكمل الجن أوامر سليمان ببناء بيت المقدس فكانت الجن منقادة له ولأوامره فلو كانوا علموا بموته لما لبثوا في العذاب المهين .