تعريف الأمانة
تعرف الأمانة بأنها عظيمة الشأن فتشمل علي الدين والفرائض والحدود والتكاليف والاحكام الشرعية شاملة علي كل صغيرة وكبيرة في الإسلام ، وحمل هذه الأمانة والحفاظ عليها يترتب عليه الثواب والتفريط والاستهانة فيها يترتب عليه العقاب
تعدد تفاسير ومعاني الامانة عند أهل العلم :
- فذهب أبو قتادة في تعريف الأمانة علي أنها : الدين والحدود والفرائض
- وقال زيد بن أسلم : أنها الصلاة و الصوم والغسل من الجنابة
- قال البعض أنها الغسل من الجنابة وذهب البعض الأخر لأنها أمانات الناس
- وذهب ابن كثير في تفسيره أن كل هذه الأقوال لا تتنافي فيما بينها ، بل أنها متفقة وترجع الي أنها التكليف ، وقبول الأوامر والنواهي بشروطها فمن أقامها أثيب ومن تركها عوقب .
- وفي تفسير الطبري قال أن الأمانة عني بها جميع الأمانات في الدين بالأضافة لأمانات الناس لأن الله سبحانه وتعالي لم يخص بقوله ( عرضنا الأمانة ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا
- قال القرطبي أن الأمانة تعم كل وظائف الأقوال وهو قول الجمهور
- قال السعدي في تفسيره أنها جميع ما أوجبه الله علي عبده أمانة ، علي العبد حفظها بالقيام التام بها ويدخل في ذلك أمانات الادميين كالأموال والأسرار ونحوهما ، ويجب علي العبد مراعاة الأمرين وأداء الأمانتين
المقصود بقول الله تعالي ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ )
قال الله تبارك وتعالي في القران الكريم في سورة الأحزاب الاية 72 :
( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الاحزاب- اية 72وأختلف أهل التفسير في معني الأمانة التي جائت في الاية الكريمة كما ذكرنا أعلاه ، ويمكن تلخيص القول الي أن الامانة التي عرضها الله عز وجل علي السماء و الجبال و الأرض هيا التكاليف الشرعية جميعها سواء في حق الله عز وجل أو في حق عبادة فمن أداها أثيب عليها ومن فرط فيها وأستهان بها أستحق العقاب .
والمقصود في هذه الأية أن الله سبحانه وتعالي يبين لنا أنه عرض الأمانة علي السماوات والأرض والجبال والأنسان ليأبي كل شئ في الوجود أن يحمل الأمانة الا الأنسان قال أنا أحمله لأنه كما قال الله تعالي في قوله ( أنه كان ظلوما جهولا ) وهنا يجب الأنتباه للذين يقولون أن كل ماعدا الأنسان مقهورا ومسيرا لا خيار له فنقول له أنه مخطئ ، فكل شئ في الوجود خير لأن معني عرض الأمانة علي السماء والأرض والجبال و أختيارهم أن لا يحملوها وأن يكونوا كما يريد الله ، دليلا أن لهم الأختيار من البداية وأنهم رضوا بما يجريه الله عليهم .
فأختاروا أن يكونا من البداية مختارين أختيار مسلم لحكم الله عز وجل ، لكن الأنسان أختار حمل الأمانة أي رضي أن يظل الأختيار معه في جزئيات العقيدة والأيمان ان شاء أن يؤمن وان شاء أن يكفر ، فأجل الأنسان أختياره للأحكام المفردة .
ونلاحظ في أشارة القران الكريم للأمانه هنا اشارة تتسع له كل العقول وذلك موضوح في قول الله تعالي عرضنا و معني العرض أن الله سبحانه وتعالي عرض وناقش وخاطب الأمانة علي السماوات والأرض والجبال والانسان ، ويتستفر البعض علي كيفية العرض وكيفية مخاطبة الله عز وجل ، فنقول هو الله سبحانه وتعالي الذي خلق وهو القادر علي أن يخاطب من يخلق .
أهمية الأمانة
وعن عظم شأن الأمانة وأهميتها روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها الا الأمانة ، قال : يؤتي العبد يوم القيامة و ان قتل في سبيل الله ، فيقال له : أد أمانتك ، فيقول : أي رب كيف وقد ذهبت الدنيا ، فيقال: انطلقوا به الي الهاوية ، فينطلق به الي الهاوية ، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت اليه فيراها فيعرفها ، فيهوي في أثرها حتي يدركها ، فيحملها علي منكبيه حتي اذا ظن أنه خارج زلت عن منكبيه ، فهو يهوي في أثرها أبد الأبديين ، ثم ثال : الصلاة أمانة ، والوضوء أمانة ، والوزن أمانة ، والكيل أمانة ، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع / قال زادن راوي الحديث عن ابن مسعود أنه اتي البراء بن عازب فقال له : ألا تري الي ماقال بن مسعود ؟ قال : كذا ، قال : صدق ، أما سمعت الله عز وجل يقول : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)
المصادر
تفسير ابن كثير" (6 / 489)
"تفسير الطبري" (20 / 342)
"الجامع لأحكام القرآن" (14 / 252)
"تفسير السعدي" (ص 547)
تفسير الاية 72- سورة الاحزاب - الشيخ محمد متولي الشعراوي
ص3 - كتاب شرح الترغيب والترهيب للمنذرى حطيبة - شرح أثر ابن مسعود في الأمانة - المكتبة الشاملة الحديثة