-->
U3F1ZWV6ZTkxOTM0NzAwNjBfQWN0aXZhdGlvbjEwNDE0OTMzNDQ0Ng==
recent
الأحدث

التوبة : كيف نتوب إلى الله



التوبة

كيف نتوب إلى الله



خلق الإنسان دائم السهو والخطأ والوقوع في الزلات والأخطاء فهو ليس ملاك مطهر لا يخطئ ولا أيضا نبي معصوم من الأخطاء ، وديننا الإسلامي الحنيف يعترف بطبيعة الإنسان وبأنه دائم الخطأ لذلك جعل الله عز وجل باب التوبة مفتوح دائما للإنسان حتى يعود إلى الله ويعترف بما ارتكبه من أخطاء ويعرض عن هذه الأخطاء ولا يعود إليها مرة أخرى .

كما أنه جل وعلا جعل ذلك سهلا وفى أي وقت حتى يكون هناك سبيل للإنسان للعودة من ذنوبه ومعاصيه ، وقد تعهد الله جل وعلى بمغفرة الذنوب جميعا للعباد التائبين بشرط عقد النية الصادقة للتوبة وان تكون توبة حقيقية وفي هذا يقول المولى جلّ وعلا: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)١ .


ويميل دائما الإنسان إلى استعجال الدنيا وحب شهواتها لذلك هو دائم الارتكاب للأخطاء كما قال خير الورى صلى الله عليه وسلم ( كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَوَّابونَ) ٢ .

التوبة في الإسلام


التوبة هي أن يعود الإنسان ويرجع إلى الله جل وعلا ويترك المعصية والذنب الذي يرتكبه شرط أن يندم عليه ويعقد العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى لقبحه وبذل الجهد للتكفير عن الذنب وإبداله بالأعمال الصالحة تقربا إليه عز وجل ونيل رضائه وطلب مغفرته وهو أسمى درجات الاعتذار وفيه اعتراف من مرتكب الذنب بمعصيته والعزم على تركها دون أي تبرير منه لارتكابها، (قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب)3.

التوبة من الذنوب المتكررة :


أولا : يجب علينا التعريف بالإصرار على الذنب والتفرقة بينه وبين التوبة من نفس الذنب عدة مرات متكررة، ويعتبر معنى الإصرار على الذنب هو المداومة عليه باستمرار مع معرفة أنه معصية ودون توبة منها أو استغفار.

أما تكرار الذنوب التوبة منها باستمرار فهذا دليل على ضعف الإيمان ، وأن شهوة الإنسان لارتكاب الذنب اكبر من قدرته على المقاومة والتغلب على المعصية والشهوة ، أما تكرار الذنوب فعلاجه أولا أن لا ينقطع رجاء الإنسان في الله عز وجل فليس لنا سبيل إلا الله فهو اقرب ألينا من حبل الوريد وهو عز وجل المعين والغفور الرحيم فهو سبحانه من رحمته بعباده يبسط يديه لمذنب النهار حتى يتوب بالليل ومذنب الليل حتى يتوب بالنهار فلابد لنا أن لا نقطع رجاءنا له سبحانه ولا أملنا به وقال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )4

ولابد للإنسان أيضا ان يحذر من غضب الله عز وجل لأنه غفور رحيم لكن أيضا شديد العقاب فالله عز وجل يغار على حدوده ويمهل الإنسان وقت للتوبة ، فلابد للإنسان معرفة أسباب المعصية وأسباب تكرارها الدائم لتجنبه والأخذ بالأسباب وأيضا عليه بكثرة الدعاء والتضرع لله عز وجل وأيضا إبدال المعصية بالحسنات والأعمال الصالحة ككثرة الاستغفار وذكر الله وقراءة القرآن.

التوبة من الكبائر :


تكون التوبة من الكبائر أيضا عن طريق عن طريق عزم النية بعدم العودة إلى الكبيرة مرة أخرى ولابد ان تكون النية صادقة من القلب ويفضل صلاة ركعتين توبة إلى الله ، ويغفر الله الذنوب جميعا حتى الشرك شرط التوبة والإنابة والدليل على ذلك قوله عز وجل " (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) 5

فالآية الكريمة أوضحت بشكل كامل ان مرتكبي الكبائر من شرك و قتل وزنا يلقون حسابهم وعقابهم من الله عز وجل إلا التائبون منهم والذين يقوموا بتبديل المعصية بالطاعة والأعمال الصالحة .

الرجوع إلى الله والتوبة الصادقة :


إذا عقد الإنسان النية الصادقة لله عز وحل بالتوبة النصوحة لا يرده الله عز وجل على العكس يفرح بهذه التوبة ويعينه عليها ويجزل له العطاء حتى يجازيه خير الجزاء عن توبته وفى ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله أشدُّ فرحاً بتوبةِ عبدِه حين يتوبُ إليه من أحدِكم كان على راحلتِه بأرضِ فلاةٍ فانفلتت منه وعليها طعامُه وشرابُه فأيس منها، فأتى شجرةً فاضطجع في ظلِّها، قد أيس من راحلتِه، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمةٌ عنده، فأخذ بخطامِها ثم قال من شدةِ الفرحِ: اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك؛ أخطأ من شدّةِ الفرحِ)6



شروط التوبة :


  1. صدق النية للتوبة والأخلاص لله تبارك وتعالي 
  2. الأقلاع عن الذنب
  3. الندم علي فعل الذنب
  4. العزم علي عدم العودة للذنب
  5. أن تكون التوبة قبل وصول الأنسان لغرغرة الموت 



قال جل وعلا (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)7

وكذلك لابد للإنسان ان يكون مخلص في التوبة من قلبه فهو يتوب لله عز وجل خيفة منه وتضرعا وليس خوفا من مخلوق وأن يعاهد الله جل وعلى بنية صادقة على عدم العودة لارتكاب الذنب مرة أخرى والندم الشديد والصادق من القلب كما أن لو كان ذلك الذنب أدى إلى ظلم إنسان آخر لابد من رد المظلمة لأهلها ، حتى يغفر الله للإنسان ويبدل سيئاته حسنات .

دعاء التوبة :


قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ) 8 .

صلاة التوبة :


صلاة التوبة تكون بأداء ركعتين دون الفريضة وتصلى منفردة وليست في جماعة ولا يشترط فيها قراءة سورة معينة وفى نهاية الصلاة يستغفر الإنسان ويدعوا كثيرا ولا يشترط صلاتها في وقت معين .

أقرأ أيضا :

المراجع


1 - سورة آل عمران، آية: 135
2-رواه ابن قطان، في الوهم والإيهام، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5/414. 
3– سورة النساء آية ١٧. 
4 – سورة الزمر الآية ٥٣ . 
5 – سورة الفرقان 
6 -. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2747.
7 – سورة النساء آية ١٨
8- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 771، صحيح.

الاسمبريد إلكترونيرسالة