سراقة بن مالك
أتبع سراقة بن مالك النبي عندما هاجر إلى المدينة المنورة ولكن ليس لينصره بل
كان يتبعه ليقتله كما أمر المشركين ولكن النبي بحكمته استطاع الوصول بسلام، فماذا حدث
مع سراقة بن مالك؟ وما قصته مع النبي وكيف أسلم؟ وما قصة سواري كسرى؟ هذا ما سوف نوضحه
في مقالنا حيث أننا أمام صحابي جليل وهو سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك الكناني المدلجي
والذي لاقى النبي ولقب بأبي سفيان ووافته المنية في خلافة سيدنا عثمان بن عفان وبذلك
يكون قد عاصر خلافة أبي بكر الصديق وسيدنا عمر بن خطاب رضي الله عنه، وتوفى في السنة
الرابعة والعشرين من الهجرة.
من هو سراقة بن مالك؟
سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس ، وهو من نسل سيدنا إسماعيل ابن سيدنا إبراهيم عليهما السلام، لقب بأبي سفيان، ولد قبل البعثة في مكة المكرمة وتوفى أثناء خلافة سيدنا عمر بن الخطاب في المدينة المنورة في 24 هجريا، وهو من أشراف قبيلة كنانة وكان صحابي جليل بعد إسلامه على يد رسول الله، عاش في الجاهلية ولكنه كان كريم يعطف على الفقير ويؤمن الخائف ومشهود له بالكرم، كان يحب الشعر ويعمل به، حيث قال لأبي جهل: (أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه، علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه).
مطاردة
سراقة بن مالك إلى رسول الله
عند هجرة رسولنا الكريم من مكة إلى المدينة المنورة برفقة أبو بكر الصديق رضي
الله عنه بعث المشركين ورائهم الكثيرين ووضعوا الجوائز لمن يمسك بهما، وكان سراقة بن مالك من ضمن الذين يتبعون خطى النبي صلى الله عليه وسلم، ذهب سراقة في كل مكان حتى
عثر على أثارهما ووجدهما ولكن رسول الله تصرف بحكمة وذكاء وعقد اتفاق مع سراقة، وكان
الاتفاق ينص على أن يعود سراقة للمشركين ويضللهم وينكر أنه وجد الرسول وأبي بكر في
طريقة مقابل أن يعطيه الرسول سواري كسرى بن هرمز وذلك بعد أن يتم فتح مملكته على أيدي
المسلمين وإخضاعها لهم.
صدق
قصة سراقة بن مالك
لقد صحت القصة حيث ذكرت في صحيح البخاري كما تداولتها الكتب حيث قال البخاري
في صحيحه: (فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام
علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسوده بالساحل أراها محمدا
وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت له أنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا
انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت، فدخلت وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر
البيت حتى دنوت منهم ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فناديتهم بالأمان
فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن
سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إن قومك قد جعلوا فيك الدية
وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضوا عليهم الزاد والمتاع فلم يرزاني ولم
يسألاني إلا أن قال: أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب
في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قصة
سراقة بن مالك مع الرسول
بعدما اتفق نبي الله مع سراقة على أن يضلل المشركين وله منه سواري كسرى، أعطاه
الرسول كتابا منه ومضى عليه وقد احتفظ به سراقة حتى تم فتح مكة على أيدي المسلمين وعندما
ذهب سراقة ليقابل نبي الله منعه الأنصار وكان ذلك في منطقة الجعرانة، فرفع سراقة كتاب
النبي وقال له، يا رسول الله هذا كتابك لي، أنا سراقة بن جعشم، حينها سمح له النبي
بمقابلته وقد اسلم سراقة يومها على يد رسول الله، وبعد أسلامه روى عدة أحاديث، ومن
ضمن ما رواه سراقة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل النبي ذات مرة فقال: (يا
رسول الله أخبرنا عن أمرنا كأنا ننظر إليه أبما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير
أو بما يستأنف؟ قال: لا بل بما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير، قال: ففيم العمل
إذا؟ قال: اعملوا فكل ميسر، قال سراقة: فلا أكون أبدا أشد اجتهادا في العمل مني
الآن).
سراقة
بن مالك وسواري كسرى
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد وعد سراقة بن مالك بتسليمه سواري كسرى بعد فتحها وذلك حينما
اتفق معه على أن لا يقول للمشركين على مكانه هو وأبو بكر الصديق، وتنفيذا لهذا الوعد
فتتعددت الأقاويل والأحاديث في الكثير من كتب السيرة النبوية وأيضا الشافعية استندوا
إلى الكثير من الروايات التي أكدت صحة هذا الوعد وحدث ذلك في عهد سيدنا عمر بن الخطاب
عندما فتح مملكة كسرى وجاء بسواري كسرى ثم طلب سراقة بن مالك فحضر له وأعطاه السوارين،
وذلك تنفيذا لوعد نبي الله وتأكيدا لنبوءته بفتح مملكة كسرى على أيدي المسلمين.
أقرأ أيضا :
المراجع
- سراقة بن مالك - موقع ويكيبديا بتصرف
- عبد المجيد الشيخ عبد الباري 2006
الروايات التفسيرية في فتح الباري (الطبعة الأولى) السعودية: وقف السلام
الخيري صفحة 1365 جزء 3 بتصرف.
- محمد بن عبد الله العوشن 2013 ما لم يشاع ولم يثبت في السيرة النبوية السعودية، صفحة 85-87 بتصرف.
- رواه البخاري في صحيح البخاري عن
سراقة بن مالك الصفحة 3906.
- رواه ابن حبان في صحيح ابن حبان عن
سراقة بن مالك بن جعشم صفحة 337.