-->
U3F1ZWV6ZTkxOTM0NzAwNjBfQWN0aXZhdGlvbjEwNDE0OTMzNDQ0Ng==
recent
الأحدث

القضاء والقدر لغة واصطلاحا

 

ما هو القضاء والقدر

القضاء والقدر

القضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وهو توحيد الله وإفراد لله بصفات الوحدانية والربوبية،وبالخلق والملك والتدبير، وهو سر الله المكتوب المحفوظ في اللوح المحفوظ الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى فهو يقول للشيء كن فيكون.

والإيمان بالقضاء والقدر يريح المؤمن ويجعله يشعر بالاطمئنان فهو يسلم نفسه لخالقه، ويعلم أن لا شيء يصيبه في هذه الدنيا من خير أو شر إلا بأذنه وأمره وتدبير حكمته.

ما هو القضاء والقدر:

هو ركن من أركان الإيمان الذي لا يكتمل إيمان العبد إلا به، فالإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، كما ورد في القرآن الكريم كلمة القدر سواء كانت فعلًا أو اسمًا مثال ذلك قوله تعالى: " إنا كل شيء خلقناه بقدر" وقد أجمع العلماء على وجود الإيمان بالقضاء والقدر بما دل على ذلك من الكتاب الكريم"القرأن" والسنة النبوية.

فهو حكم الله تعالى في خلقه، وهو أصل من أصول الدين، والإيمان به يؤثر في صحة العقيدة أو عدم صحتها، والمسلم إذا آمن بها وسلم بقضاء الله وقدره سواء كان خيرا أو شرا صحة عقيدته، وإن كفر وأنكر نعمة الله عليه بسوء عيشه فقد أساء معاملة خالقه، وأدخل نفسه في دائرة ضعف الإيمان وتزعزع العقيدة.

ولتبسيط القضاء والقدر نقول إذا آمن المسلم بأن الله هو القادر الخالق الجامع لصفات القدرة وصاحب القضاء النافذ شعر بالراحة والطمأنينة فلا يستطيع أحد ضره أو نفعه إلا بإذن الله.

وعلى ذلك لا يجب أن يربط بعض الناس بين ما يحدث لهم في الدنيا من شر وبين قضاء الله وقدره، فالله سبحانه وتعالى لا يأمر إلا بخير العباد، وقد يحدث لك شر الآن ولكن في ذلك خيرا لك فيما بعد ولكنك لا تعلم لأن العالم هو الله.

فالله هو عالم الغيب والشهادة بين لنا الأمور وأخفى عنا أمور أخرى والتسليم والإيمالن بتلك الأمور هى القضاء والقدر.

مثال رجل مشى في الطريق كسرت ساقه حمد الله وشكره على نعمته، واعتقد أن كسر الساق قد تكون رفعت عنه بعض الذنوب التي كان الممكن أن يقوم بها.

رجل آخر كفر بنعمة الله وقال لماذا أنا كان من الممكن أن أكسب كذا وكذا

فالأول رضيّ بقضاء الله وقدره، والثاني جحد بنعمة الله ومبلغ علمه، لأنه ضعيف الإيمان.

أنواع الناس في فهمهم لمعنى الإيمان بالقضاء والقدر:

·       الأول من يجد في القضاء والقدر حجة على معصيته وذنوبه فيقول فقد كتب الله عليّ أن أفعل كذا ( المعصية)

·       الثاني هو الصابر المستغفر لذنوبه ويعلم أن الله عالم كل شيء قال تعالى :

" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"

ما من مسلم تصيبه مصيبة فيشكر الله عليها وصبر غفر الله له وأكرمه وأعزه، ومن لم يصبر ولم يشكر عذبه وأهانه.

تعريف القضاء والقدر لغة واصطلاحا:

القدر في اللغة هو مبلغ كل شيء، فيقال قدرت الشيء أقدره قدرا وتقديرا، والقدر هو القضاء والحكم، وهو ما يقدره الله من القضاء والحكم.

كما يقال التقدير هو التفكير والروية في الحكم.

أما القضاء في اللغة، من الفعل قضي ، وفي المصدر قلبت الياء همزة لأن قبلها ألف مد فهو القطع والفصل والصنع والبيان و الحتم،  والأمر والإرادة وأصله قضاء الشيء وأحكامه والانتهاء منه فيكون معنى الخلق فالله قضى أمره وخلق الكون.

أما اصطلاحا فالقدر هو فهو تقدير الله للكلائنات حسب علمه ومبلغ حكمته فالقدر هوما سبق الصنع والخلق، فالله قدر الخلائق  وعلم ما سيقع لها من صفات وعلى أي هيئة سيقع، فالقدر هو ما علمه وكتبه وحفظه وشاء وخلقه وقضى به بين خلقه على اختلاف أشكالهم.

ولذلك نجد أن تعريف القضاء والقدر مترادفان إلى حد كبير، ولا يوجد ما يؤكد الفرق القاطع بينهما، ولكن الغالب هو القدر .

والإيمان بالقضاء والقدر في الاصطلاح يعني الإيمان بحكم الله النافذ وبمشيئته وقدرته الشامله سبحانه وتعالى.

الفرق بين القضاء والقدر:

اختلف العلماء في هذا الأمر وانقسموا إلى عدة فرق، الأول يؤكد أنه لا يوجد فرق بينهما كل منهما في معنى الآخر، والفريق الثاني يؤكد بوجود الفرق الواضح الجلي ، أما الثالث فيعترف بوجود فرق مع عدم وجود انفصال بينهما فهما متلازمان.

الفريق الأول ومنهم الراغب الأصفهاني الذي أكد أن القضاء أخص من القدر، لأن القضاء هو الفصل بين التقدير أما القدر فهو التقدير نفسه.

ومن ذلك ما قاله أبو عبيدة بن الجراح لعمر بن الخطاب عندما أبتليت الشام بالطاعون، وأراد عمر الفرار أتفر من قضاء الله، قال عمر بن الخطاب قوله المشهور

 ( أفر من قضاء الله إلى قدر الله)

والمعنى أن عمر يهرب من حكم الله عليه وعلى الناس بوجود الطاعون، إلى تدبير من تدابير الله بالأخذ بالأسباب فقد يكون الله سبحانه وتعالى قد كتب له النجاة وعمر لا يعلم وهذا التقدير هو  بالموت أو الحياة لعمر، وعغمر هنا لا يخاف الموت كما ظن البعض ولكنه  أخذ بالأسباب، ودليل وجود اختلاف بينهما.

الفريق الثاني: الذي يؤكد بعدم وجود فرق بينهما، فلا نستطيع التفريق والفصل بينهما فالقضاء بمنزلة الأساس والقدر بمنزلة البناء عليه، فالتفريق بينهما من شأنه هدم البناء بالكامل، وانتقاص الإيمان فالمؤمن لا يؤمن بالقضاء دون القدر أو القدر دون الإيمان

فالقضاء كتابة الأعمال كاملة في اللوح المحفوظ أما القدر فهو نزولها متفرقة في الوقائع التي يعيشها العباد بأمر من الله سبحانه وتعالى

هناك فريق ثالث يؤكد أن القدر أسبق من القضاء واستشهدوا على ذلك بالثوب، فالإنسان عندما يريد أن يخيط ثوبا عليه أولا أخذ المقاسات للتقدير ثم يبدأ بالتنفيذ فهذا هو القضاء.

وخلاصة القول بأن القول في الفرق بين القضاء والقدر لم يذكر في الكتاب والسنة.

 

 

الإيمان بالقضاء والقدر

والمؤمن لابد له أن يؤمن بالقضاء والقدر، كاملا بكل ما يترتب عليه، وإلا انتقص إيمانه.

 وعلى ذلك لا يمكن أن يقول المؤمن أنه يؤمن إيمانا كاملا  بالقضاء والقدر إلا عندما يؤمن بمراتب بالقضاء والقدر التي لابد من وجودها في عقل المؤمن وقلبه لكي يطلق عليه مؤمنا وهذه المراتب هى(العلم، الكتابة، المشئية، والخلق)

أولا العلم:

فالمؤمن الحق يعلم يقينا لا جدال فيه، إن الله عالم كل شيء عن خلقه قبل أن يخلقهم يعلم أعمارهم وحياتهم وموتهم، وأقدارهم، فهو محيط بكل شيء علما ويعلم كل شيء فعلمه وسع كل شيء، في أهل الدنيا وأهل الآخرة سواء أهل الجنة أو أهل النار.

والأدلة على ذلك كثير من الكتاب والسنة قال تعالى: "الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة"

قال تعالى :" الله الذي لا إله إلا هو يعلم ما في السموات وما في الأرض وسع علمه كل شيء.."

كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين" أي كيف سيكون مصيرهم هل سيؤمنون أم سوف يظلون على جهل آبائهم فالله أعلم بما سيكون عليه حالهم، وهو رسول الله الذي جعل المولى سبحانه وتعالى ما يقوله وحي يوحى، لكن علم الغيب اختص الله نفسه به ولم يعلم به أحد من خلقه.

وهناك أشياء جعلها الله سبحانه وتعالى خاصة به منها الموت ومكانه ، وعلم الروح، وموعد يوم القيامة ويعلم ما في الأرحام.

ثانيا الكتابة:

وتعنى أن كل شيء عن الخلق والكون قد كتبت في اللوح المحفوظ، قبل الخلق فكل كائن في اللوح المحفوظ أم الكتابة إلى يوم القيامة، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، والأدلة على ذلك كثيرة سواء من القرآن الكريم أو من الحديث الشريف السنة النبوية.

الأدلة من الكتاب: قال تعالى: " ما فرطنا في الكتاب من شيء" والكتاب هنا المراد بها اللوح المحفوظ.

من السنة النبوية الشريف: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يركب دابته وورائه ابن عباس وكان لا يزال غلاما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"

ورفع الأقلام وجفاف الصحف تعنى أن الله قد كتب القضاء والقدر في اللوح المحفوظ، وأن كل أهل الأرض لو اجتمعت لن يستطيعون أن يكونوا ضارين أو نافعين لك إلا بأمر الله، فهو النافع والضار.

ولكن ليس معنى كتابة كل شيء في اللوح المحفوظ من قبل ألا نعمل بطاعة الله في عمارة الدنيا والعبادة الحقة لله فعلينا الأخذ بالأسباب.

فالله سبحانه وتعالى يوم خلق آدم قدر على مجموعة من خلقه الجنة وقدر على الآخرين النار وهو لم يبلي بمن في الجنة ومن في النار، لأن لاشيء من هؤلاء ولا من هؤلاء يزيد علم الله ولا خلقه.

كما أن هناك تقدير في ليلة القدر فعندما يقدر الإنسان حق ليلة القدر حقها ويعبد الله حق عبادته، يستجيب الله له، وعندما يلتزم الإنسان بصلواته وعباداته لله ويحرص عليها، فهو قد كتب قدره الذي يحبه الله وأخذ بأسباب الطاعة.

وهنا يتبادر لذهن البعض مسألة فقهيه هامة وهى 

هل الإنسان مخير أم مسير؟

وإجابة هذا السؤال اختلف فيه العلماء ولكن جمهور العلماء اتفقوا على أن الإنسان مسير في أمور لا دخل له بها مثل الرزق والموت والحياة، ومخير فيما يتعلق بالمبادئ مثل الطاعة والعمل والخير والشر، وشكر الله.

فلا يفعل الإنسان الشر كالسرقة  والنصب والنهب ويقول كتب الله على ذلك فهذه من أفعال العباد ويحاسبون عليها.

ثالثا المشيئة:

هذه المرتبة تقتضي الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته فهو يقول للشيء كن فيكون، فلا حركة ولا سكون إلا بمشئية الله وقدرته وحكمه.

والأدلة على ذلك كثيرة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة:

 قال تعالي في كتابه الكريم: "ما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين".

رابعا الخلق:

هذه المرتبة تعني أنه كل ما عدا الله مخلوق موجود بأمر الله، بكل صفات هذا المخلوق فالله سبحانه وتعالى يعرف صفات وقدرات خلقه، فهو الخالق الذي لا يُخلق.

والأدله على ذلك من القرآن الكريم كثير منها قال تعالي : " الله خالق كل شيء"

 

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة