-->
U3F1ZWV6ZTkxOTM0NzAwNjBfQWN0aXZhdGlvbjEwNDE0OTMzNDQ0Ng==
recent
الأحدث

السلطان عبد الحميد الثاني

السلطان عبد الحميد الثاني


السلطان العثماني عبد الحميد الثاني هو من الشخصيات التاريخية التي أثارت جدلا كبيراً فالبعض ينظر إليه على أنه مصلح و عادل حكم الدولة العثمانية المترامية الأطراف بكل دهاء ومكر , ووقف ضد الأطماع الإستعمارية لإقتسام تركة ( رجل أوروبا المريض ) بالإضافة لرفضه إقامة وطن لليهود في فلسطين , وينظر إليه آخرون على أنه مستبد وظالم و ذلك بسبب حكمه 33 عاما حكما فردياً , وكان ديكتاتور الكلمة الأولى و الأخيرة كانت له فقط .

نبذة عن حياته:

السلطان عبد الحميد الثاني هو أحد سلاطين الدولة العثمانية , و هو السلطان السادس و العشرون من سلاطين آل عثمان  الذين جمعوا بين السلطنة و الخلافة و آخر من إمتلك سُلطة فعلية من آل عثمان  و هو السلطان الرابع و الثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية عامة و هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة , وهو خادم الحرمين الشريفين , وله عدة ألقاب منها السلطان المظلوم , والخاقان الكبير , و خادم المسلمين , و السلطان الأحمر .
ولد السلطان عبد الحميد الثاني في  يوم الأربعاء الحادي و العشرين من شهر سبتمبر للعام 1842 في  قصر جراغان في إسطنبول في الدولة العثمانية , وهو إبن عبد المجيد الأول  و السلطانة تيرمجكان الشركسية الأصل , وكان له من الأخوة و الأخوات مراد الخامس , ومحمد الخامس العثماني , و برهان الدين أفندي , ومحمد السادس العثماني , وأحمد كمال الدين .
درس الموسيقى و الخط و اللغات العربية و الفارسية و الفرنسية و الأدب العثماني و العلوم الإسلامية , ونظم بعض الأشعار باللغة التركية  و تعمق في التصوف , وقد أتم دراسة صحيح البخاري في علم الحديث , وتعلم السياسة و الإقتصاد وكان ذلك على أيدي وزير المعارف .
كان السلطان عبد الحميد الثاني شغوفاً بالنجارة و التي كان والده السلطان عبد المجيد الأول محباً لها أيضاً , وكان أيضاً محباً للفروسية , وقد عُرف بتدينه و عن ذلك قالت ابنته عائشة أنه كان يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها , و يقرأ القرآن الكريم , وكان يذهب إلى المساجد كثيراً و بخاصة في شهر رمضان الكريم , وقد إنضم إلى جمعية تسمي جمعية العثمانيين الجدد , و لكنه تركها بعد أن عرف نواياها المضرة للدولة العثمانية , ولٌقب بالسلطان الأحمر  و قاتل الأرمن بعد مذابح الأرمن .
تم تتويجه ملكاً على البلاد في الحادي و الثلاثين من شهر أغسطس للعام 1876م  , و توجه في الموكب الملكي إلى ضريح أبو أيوب الأنصاري , وتم تقلده السيف السلطاني هناك و قام بزيارة قبر والده السلطان عبد المجيد الأول بعد ذلك ثم ضريح فاتح إسطنبول محمد الثاني قد كان ذلك بعد أن قام الوزراء بإنزال أخيه السلطان مراد الخامس عن السلطة لإصابته بالجنون , وقد مكث السلطان مراد الخامس مدة ثلاثة أشهر فقط قبل أن يتولى السلطان عبد الحميد الثاني الملك بدلاً عن أخيه , و السلطان عبد الحميد الثاني هو أول سلطان عثماني يُدخل النظام الغربي في تنظيم شؤون البلاد  .

تولي السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في الرابعة و الثلاثين من عمره , و قد تولي الحكم مع إقتراب حرب عثمانية روسية جديدة وظروف إقتصادية سيئة وخاصة في البلقان .

سياسة السلطان عبد الحميد الثاني :-

كان يرى ضرورة  العمل على توحيد القوى الإسلامية لمواجهة الإستعمار الطامع في الدولة العثمانية , حيث جعل سياسة الدولة العليا نابعة من دولة الخلافة , وقام بتدعيم الإخوة بين مسلمي الصين و الهند و أفريقيا , وكان شعاره هذا وسيلة لتوحيد الصفوف حول دولته في الداخل و الخارج .

مشروعاته الحضارية :-

قام السلطان عبد الحميد الثاني بإنشاء سكة حديدية للحجاز لتيسير أداء فريضة الحج على المسلمين , وبذلك إنخفضت مدة السفر من أربعين يوماً عن طريق القوافل إلى أربعة أيام فقط عن طريق السكة الحديدية , وهذا المشروع قام على التبرعات التى دعا إليها السلطان عبد الحميد الثاني و تهافت المسلمون من العالم للتبرع لهذا المشروع بإعتباره مشروع المسلمين أجمع .
كان السلطان عبد الحميد الثاني مكرهاً بالنسبة للدول الأوروبية حيث أنه تحت رعايته يوجد العديد من المسيحيين وكان له سلطاناص عليهم , ولهذا حاول الكثير إسقاطه خوفاص من نفوذه الكبير و لم يتمكن أحد أن يقتطع جزءاص من الدولة العثمانية في أوروبا .
نجح في تشييد سكة حديد بغداد برأس مال ألماني و بذلك ضمن عدم إقتراب بريطانيا , وحماية السكة الحديدية بإعتبار ألمانيا صاحبة إمتيازها , وذلك أقلق إنجلتراوروسيا , وجعلهم أكثر يريدون التخلص منه .
عندما قام هرتزل رئيس الجمعية الصهونية بالإتصال بالسلطان عبد الحميد الثاني بعد أن توسط له سفير النمسا في إسطنبول  , حيث عرض هرتزل عليه توطين اليهود في فلسطين , ومقابل ذلك سيقدم اليهود ملايين الليرات العثمانية الذهبية , وسيقرضون الخزينة العثمانية مبلغ 2 مليون ليرة أيضاً .
و ما كان من دهاء السلطان عبد الحميد الثاني فقد فهم أن هرتزل يريد تقديم رشوة لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين , وما أن يوجد عدد كبير للسكان من اليهود في فلسطين , وبمجرد تحقيقهم لأكثرية السكان سيتم مطالبة اليهود بالحكم الذاتي لفلسطين و لذلك أخرجه السلطان عبد الحميد الثاني من حضرته بقوة وبصورة عنيفة , وعقب السلطان على ذلك بأنه رفض توقيع هذا القرار لأنه إذا قام بالتوقيع على هذا القرار يكون بذلك قد وقع على قرار بالموت على إخوانهم فى الدين من الفلسطينين .

حادث 31 مارت :-

رأى الإتحاديون ضرورة التخلص منه , واتفقت رغبتهم مع رغبة الدول الأوربية , وشعر اليهود و الأرمن إقترابهم من هدفهم , وشهدت أحداث 31 مارت إضطراب كبير في إسطانبول  , و شهر مارت هو الشهر الأول من شهور السنة الرومية و يقابل 13 إبريل  للعام 1909 ميلاياً . و قامت قوات موالية للأتحاديون بالتوجه لإسطنبول و ادعت أنها جاءت لتنقذ السلطان و أخذ منهم السلطان قسماً بعدم إستخدام السلاح ضدهم و لكنهم دخلوا إسطنبول وسطوا علي قصر السلطان , و حصلوا على فتوى من مفتى الدولة تحت تهديد السلاح بخلع السلطان , وإتهم المتآمرون السلطان عبد الحميد الثاني بأنه وراء حادث 31 مارت  و هي إدعاءات كاذبة هدفها خلعه .
تنازل السلطان عبد الحميد عن العرش  لأخيه محمد رشاد في 27 إبريل 1909 م , وإنتقل مع 38 شخصاً  إلى سلانيك بطريقة مهينة و قضي سنوات قاسية تحت رقابة شديدة جداً و لم يُسمح له حتى بقراءة المصحف 

وفاته :-

توفي السلطان عبد الحميد الثاني في الثامن و العشرين من شهر ربيع آخر للعام 1336 هجرياً و الموافق للعاشر من شهر فبراير للعام الميلادي 1918  عن عمر يناهز السنة و السبعين عاماً , و قد شيع جنازته الكثير من المسلمين حزناً عليه , و أيضاً رثاه الكثير من الشعراء , وحتي المعارضين له من الشعراء و هو رضا توفيق و قد كتب في رثاءه قائلاً :-
عندما يذكـــر التاريخ إسـمك        يكون الحق في جانبك ومعك أيها السلطان العظيم .
كنا نحن الذين إفترينا دون حياء    على أعظم سياسي العصر قلنا .
إن السلطـــــــان ظـــــــــالم         و إن السلطان مجنــــــــــون .
قلنا لابد من الثورة على السلطان   و قد صدًقنا كل ما قاله لنا الشيطان .
رحم الله هذا السلطان العظيم الذي جمع المسلمين , وكان شديد الحرص على توحيد صفوفهم ضد الطامعين في نهب ثروات البلاد , وحرصه على دولة الخلافة الإسلامية , و مساهمته في تأخير اليهود في إحتلال فلسطين و إقامة وطن لهم في فلسطين .

الاسمبريد إلكترونيرسالة