-->
U3F1ZWV6ZTkxOTM0NzAwNjBfQWN0aXZhdGlvbjEwNDE0OTMzNDQ0Ng==
recent
الأحدث

عمر المختار: شيخ المجاهدين

عمر المختار



في كل عصر يوجد بطل يخلده التاريخ , ويرتبط إسمه بالفترة الزمنية التي عاصرها من أحداث , ومن هؤلاء الأبطال الذي خلد التاريخ إسمهم السيد عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي و الذي يشتهر بإسم عمر المختار , و له عدة ألقاب أخرى يشتهر بها فلقد لٌقب بشيخ الشهداء , و شيخ المجاهدين , و أسد الصحراء , وفي هذه المقالة سنتعرف علي حياة عمر المختار و تاريخه

من هو عمر المختار


ولد عمر المختار في العشرين من شهر أغسطس عام 1858 في زاوية جنزور ناحية طبرق في طرابلس , و ينسب إسمه إلى قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة و هو عمر المختار محمد فرحات , وكان يعمل معلماً للقرآن و الشريعة الإسلامية , وهو قائد ليبي فهو من أحد أشهر القادة المقاومين العرب و المسلمين , و إشتهر بمقاومة الإحتلال الإيطالي الفاشي في ليبيا و هو في الثالثة والخمسين من عمره , وظل يحارب الإحتلال لأكثر من عشرون عاماً .

تم القبض عليه من قِبل الجنود الإيطاليين وتم إجراء محاكمة صوريه له , وتم الحكم عليه بالإعدام شنقاً , وقد كان كبيراً في السن فكان يبلغ من العمر ثلاثة و سبعون عاماً و كان مريضاً بالحمى ورغم ذلك تم تنفيذ الحكم عليه رغبة من العدو في إضعاف المقاومين من ليبيا , وحتي يتم القضاء على الحركات المقاومة للحكم الإيطالي في ليبيا , ولكن حدث العكس فإعدام عمر المختار جعل الشعب يثور ضد العدو الظالم , مما أدي إلى إرتفاع حدة الثورات , وطرد القوات الإيطالية من ليبيا .

و لقد أثار هذا الشيخ المقاوم في سبيل بلاده إعجاب الكثير من المسلمين و العرب مما حث المقاومين علي التحرك ضد الإحتلال الأوروبي في بلادهم , وتعاطف معه الكثير من المشرق إلى المغرب , فأصبح راسخاً في الأذهان على عكس ما أراد الإحتلال الإيطالي , و قام الممثل الأمريكي أنطوني كوين بتجسيد شخصية عمر المختار في فيلم أسد الصحراء عام 1981 م .

نشأتة :-

نشأ  أسد الصحراء على القرآن و السنة النبوية , حيث قام أبوه بتربيته على أساس تعاليم الحركة السنوسية , وهي تربية إسلامية حميدة مستمدة من القرآن , والسنة النبوية , و قد توفي أبوه أثناء ذهابه إلى أداء فريضة الحج إثر المرض , موصياً رفيقه أحمد الغرياني و هو شقيق شيخ زاوية جنزور بأن يٌبلغ شقيقه وصية والد عمر المختار في أن يتولى  الشيخ حسين وهو شيخ زاوية جنزور تربية ولديه محمد و عمر , وحصل ما أراد أبوه , و أدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية , ثم إنضم إلى المعهد الجغبوبي الذي كان منارة للعلم  و ملتقى العلماء و الفقهاء والأدباء و المربيين .

كان عمر المختار ذو ذكاء واضح أثار إعجاب شيوخه  وشهدوا له برجاحة العقل و النباهة وحب الدعوة و متانة الخلق , مما جعلهم يهتمون به , ومن أبرز الشيوخ الذين تتلمذ على يديهم السيد الزروالي المغربي , و السيد الجواني , و العلامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني, وتعلم عمر المختار من بيئته طرق فض الخصومات البدوية , وكان يعرف سمات كل قبيلة .
قام المهدي السنوسي بتعينه عام 1897 م شيخاً لبلدة زاوية القصور وهي تقع في منطقة الجبل الأخضر شمال شرق برقة , وكانت تسكنها قبيلة العبيد المعروف عنهم صعوبة الإنقياد ورغم ذلك نجح عمر المختار في أداء ذلك المنصب .

كفاحه ضد الإحتلال الإيطالي :-

عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية , وقامت بعد ذلك إنزال القوات الإيطالية في مدينة بنغازي الساحلية , وقتها كان عمر المختار في مدينة الكفرة في زيارة السنوسيين , وما إن كان عائدا منها ماراص بقبيلة جالو حتى علم بالخبر فأسرع إلى زاوية القصور و نجح في جمع 1000 مقاتل من قبيلة العبيد , وأسس معسكر خاص به في الخروبة , ثم انتقل إلى الرجمة , وبعد ذلك إلتحق عمر المختار هو وجنوده بالجيش العثماني , ثم بعد ذلك إنضم إلى بنينة جنوب بلغاري و هناك قاموا بالإنضمام إلى الكثير من المقاتلين الآخرين , و أصبح المعسكر قاعدة للخروج منه على القوات الإيطالية بإستمرار .

كان عمر المختار شديد البأس فقد روى الشيخ محمد الأخضر العيساوي الذي كان مرافقاً له في هذه المرحلة من حياته , أن المقاتليين من ليبيبا أثناء محاربتهم للإيطاليين كان المقاتلين الليبيين يلجأون إلى حقل زراعي للتخفي , وكان العدو الإيطالي يقوم بإطلاق الرصاص الكثيف عليهم وفي ذلك الوقت وجدوا حفرة منخفضة في الحقل أشاروا لعمر المختار لدخولها فرفض بشدة فدفعوه إليها وظل طوال المعركة يحاول الخروج منها .

كان شديد الإنتماء لأوطانه و دينه حيث عرض عليه العدو الإيطالي أن ينتقل للإقامة في بنغازي أو المرج و سيدفعون له راتباً شهرياً كبيراً , ويجعلونه الشخصية الأولى في ليبيا أو أن يذهب مصر ويقطع علاقته بالحركة السنوسية , وقال عمر المختار عندما كان في مصر

( إننى ما قبلت هذا الإجتماع مع الوفد الإيطالي لأستمع إلى هذه المهازل , ولا أحارب الطليان من أجل الوصول إلى هذه الترهات , إن موقف المجاهدين لا يقبل الجدل أو المساومات , إنه فوق ذلك , إنها مسألة حقوق أمة كاملة ضحت بأكثر من نصف عددها وفقدت الكثير من مواطنيها و إمتهنت كرامتها و جرحت في دينها , إن الكلام يجب أن يكون حول قضيتنا الوطنية كاملة , غير منقوصة , وثقوا أنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد , و مهما حاول أحد أن يغير عقيدتي ورأيي و اتجاهي , فإن الله سيخيبه , ومن " طياح سعد " إيطاليا ورسلها هو جهلها بالحقيقة و أنا لم أكن من الجاهلين و الموتورين فأدعي أننى أقدر أن أعمل شيئاً في برقة , ولست من المغرورين الذين يركبون رؤوسهم ويًدعون أنهم يستطيعون أن ينصحوا الأهالي بالإستسلام , إنني أعيذ نفسي من أكون في يوم من الأيام مطيًة للعدو و أذنابه فأدعوا الأهالي بعدم الحرب ضد الطليان ؟, وإذا لا سمح الله قدر علي أن أكون موتوراً فإن أهل برقة لا يطيعون لي أمراً يتعلق بإلقاء السلاح , إننى أعرف أن قيمتي في بلادي إذا ما كانت لي قيمة أنا و أمثالي فإنها مستمدة من السنوسية )

وقد قامت السلطات الإيطالية بمحاولة مرة أخرى لإستمالة عمر المختار في 15 أغسطس عام 1923 م بإصدار مرسوم يقره شيخاص لبلده في زاوية القصور , و مرتب يبلغ قدره 900 فرنك شهرياً كموظف حكومي , ولكنه بقي كما هو ورفض كل المحاولات من قبل الحكومة الإيطالية التي أُستخدمت من أجل إستدراجه للخضوع لهم , وكان شديد اللهجة مع حامل الرسالة ,  وفي هذه الأثناء قام الحسن بن رضا السنوسي بمعاهدة مع الطليان  تقتضي وقف القتال مقابل المرتبات التي يتم دفعها للقادة في ليبيا , فقال له عمر المختار " لقد غزوك يابني بمتاع الدنيا الفاني "
عمر المختار

و قد توفي في السادس عشر من سبتمبر عام 1931 م شنقاً في سلوق ليبيا الإيطالية وقتها , رحم الله المقاتل الباسل الذي قدم روحه وحياته فداء لدينه ووطنه ليبيا .


الاسمبريد إلكترونيرسالة