حرية المرأة بين الإسلام والمناهج الأخرى
(الجزء الثاني)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
وبعد:
لقد تحدثت في الجزء الأول عن المرأة في الحضارة القديمة عند العجم والعرب، وأيضا تحدثت عن المرأة في الحضارة الحديثة عند العجم والعرب.
والآن أٌتابع الحديث عن المرأة في الشرائع الأخرى، والمرأة في الإسلام
ثالثاً: المرأة في الشرائع الأخرى.
المرأة عند اليهودية
إن اليهودية المحرفة أغرقت المرأة في الإهانة، ولم تتعامل معها كإنسان
وتعاقبها على غير ذنب، ولقد ورد هذا في الكتاب المقدس عندهم وتكرر كثيراً ولا
ينكره أحدا منهم، ومما ورد في هذا الشأن:
ذكر في سفر التثنية:
{إذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها أبغضها (22:14) ونسب اليها اسباب كلام
واشاع عنها اسما رديا وقال هذه المرأة اتخذتها ولما دنوت منها لم أجد لها عذرة. (22:15)
يأخذ الفتاة ابوها وامها ويخرجان علامة عذرتها الى شيوخ المدينة الى الباب (22:16)
ويقول ابو الفتاة للشيوخ أعطيت هذا الرجل ابنتي زوجة فابغضها. (22:17) وها هو قد
جعل أسباب كلام قائلا لم أجد لبنتك عذرة وهذه علامة عذرة ابنتي ويبسطان الثوب امام
شيوخ المدينة. (22:18) فيأخذ شيوخ تلك المدينة الرجل ويؤدبونه (22:19) ويغرمونه
بمئة من الفضة ويعطونها لابي الفتاة لأنه اشاع اسما رديا عن عذراء من اسرائيل. فتكون
له زوجة لا يقدر ان يطلقها كل ايامه} [العهد القديم -سفر
التثنية- الإصحاح الثاني والعشرون]
إذا أبغض الرجل زوجته لدرجة أنه أشاع حولها كلام يحُطُ من شرفها فكيف لهم
أن يحبسوا زوجته عنده، إنه لا يرتضيها زوجة فكيف سيعاملها معاملة حسنة تقوم على
المودة والرحمة، كيف سيساعدها عند عجزها ويواسها عند حزنها ويخفف عنها هموم
الحياة، بل سينظر إليها نظرة المكرة على فعل شيء بالإضافة إلى دفع الأموال عليه "وما
أدراك ما قيمة المال عند اليهود"، وهو بالفعل كذلك، ستعيش معه في حياة أشبه
بالجحيم. هذه واحدة
أما الثانية: فيقول سفر التثنية {(22:20) ولكن إن كان هذا الامر صحيحا ولم
توجد عذرة للفتاة (22:21) يخرجون الفتاة الى باب بيت ابيها ويرجمها رجال مدينتها
بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في اسرائيل بزناها في بيت ابيها. فتنزع الشر
من وسطك} [العهد القديم -سفر التثنية- الاصحاح الثاني والعشرون]
أقول : ماذا إذا لم تكن لهذه الفتاة عُذْرَةُ (عُذْرَةُ الْفَتَاةِ :
هُوَ غِشَاءٌ رَهِيفٌ يُغَطِّي الْفَتْحَةَ التَّنَاسُلِيَّةَ لِلأُنْثَى. [معجم
المعاني الجامع] ويكون هذا الغشاء به فتحة صغيرة يخر منها دم الحيض) ماذا إذا لم يستطع أحد
إثبات بكارتها (مع العلم أن هذا شيء غير ممكن إلى الان)، فهل تقتل بغير جرم! مع العلم أن
هناك أشياء كثيرة غير الجماع يمكن أن تزيل غشاء البكارة ، مثل الحيض الشديد، وركوب
الخيل ، وركوب الدراجات ، والجمباز ، واستخدام السدادات القطنية ، والإصبع ،
والاستمناء ، مما يؤدي بشكل أساسي إلى "إتلاف" غشاء البكارة دون ممارسة
الجنس على الإطلاق، حتى إذا مارست الجنس مع زوجها فقد ينزل دم بسيط لا يراه الزوج
أو يشعر به، وكذلك توجد بعض النساء يولدن بدون غشاء بكارة، ومع تقدم الطب أمكن للبغي أن تضع غشاء بكارة.
تقول ألكسندرا إيسلر (معلمة الصحة والجنس من شبكة المراهقين الصحية) " فكري
في غشاء البكارة مثل المناديل الورقية يمكن أن تتمدد أو تمزق أو تفرك
بسهولة."
ثم أرجع وأقول: أليس قتل المرأة بغير جرم أشد أنوع الاضطهاد!
لم يكتفوا بقتل المرأة بل إن ظاهرة الاغتصاب موجودة في الكتاب المقدس، ففي [العهد
القديم -سفر صموئيل الثاني- الاصحاح الثالث عشر] أن أمنون بن داود احب اخته لأبيه ثامار،
فقال يوناداب: اضطجع على سريرك وتمارض. وإذا جاء أبوك ليراك فقل له: دع ثامار أختي
فتأتي وتطعمني خبزا، وتعمل أمامي الطعام لأرى فآكل من يدها. ففعل كما علمه
يوناداب، فأرسل داود إلى ثامار.
فذهبت ثامار إلى بيت أمنون أخيها وهو مضطجع. وأخذت العجين وعجنت وعملت كعكا
أمامه وخبزت الكعك، وأخذت المقلاة وسكبت أمامه، فأبى أن يأكل. وقال أمنون: أخرجوا
كل إنسان عني. فخرج كل إنسان عنه، ثم قال أمنون لثامار : ايتي بالطعام إلى المخدع
فآكل من يدك. فأخذت ثامار الكعك الذي عملته وأتت به أمنون أخاها إلى المخدع، وقدمت
له ليأكل، فأمسكها وقال لها: تعالي اضطجعي معي يا أختي، فقالت له: لا يا أخي، لا
تذلني لأنه لا يفعل هكذا في إسرائيل. لا تعمل هذه القباحة، أما أنا فأين أذهب
بعاري ؟ وأما أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل والآن كلم الملك لأنه لا
يمنعني منك، فلم يشأ أن يسمع لصوتها، بل تمكن منها وقهرها واضطجع معها.
أنا لا اتعجب من هذه الاتهامات، فقد اتهموا الأنبياء بالزنى واتهموا داود
عليه السلام- باقتراف الزنى مع زوجة (أُوريا) وقتله. كما في [العهد القديم -سفر
صموئيل الثاني- الاصحاح الحادي عشر]
ماذا استفدنا من هذه القصة؟ هل استفدنا طريقة الإتيان بالمرأة لإجبارها على
الفاحشة ! أم استفدنا أن نُحكّم القوة ولا نسمع للعقل لإجبار المرأة على الخضوع
بدل من الزواج بطريقة شرعية ! أم استفدنا أن نفعل القباحة ونذل المرأة ونكون من
السفهاء ! أم استفدنا أن نشيع الفاحشة في المجتمع !
المرأة عند النصرانية
كل ما قيل في اليهودية المحرفة من اضطهاد للمرأة يصح دليل على اضطهاد
النصرانية المحرفة للمرأة، وذلك لأن النصارى يؤمنون بالتوراة ، وهي المسماة عندهم
بالعهد القديم، فهم مؤمنون (كما نحن) بأن العهد الجديد (الإنجيل) مكمل للعهد
القديم (التوراة).
ومن المحزن جداً أن تصاب المرأة بهذا القدر من الإهانة والاحتقار، حتى وصل
الحال إلى أن "عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة
إنساناً أم غير إنسان؟ ! وقرروا أخيراً
أنَّها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب." [دور المرأة المسلمة بين الأصالة والمعاصرة]
وقال عنها القديس تونوليان: "إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان،
ناقضة لنواميس الله"
وجاء في سفر التثنية {(25:11) إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضا، رجل وأخوه،
وتقدمت امرأة أحدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه، ومدت يدها وأمسكت بعورته (25:11)
فاقطع يدها، ولا تشفق عينك} [العهد القديم -سفر التثنية- الاصحاح الخامس والعشرون]
هل تقطع يدها بلا شفقة لأنها تدافع عن زوجها المضروب ! أهذا عدل؟
كل هذا بسبب أنهم يؤمنون بكتاب محرف وأن رجالات الكنيسة يستغلون السلطة
الدينية لتحقيق مصالح شخصية، لذلك ثار عليهم المنصفون من علمائهم الذين من أبرزهم -مارتن
لوثر- (زعيم البروتستانت) -وبالمناسبة البروتستانت تعني المحتجون أو الثائرون-،
وكذلك ثار عليهم -زونجلي- (زعيم الكاثوليك)
لم يكن لوثر يريد هدم الكنيسة، ولكنه كان يريد إصلاحها وإصلاح رجالها، ووجد
أن جزء من فساد رجال الدين يرجع إلى عدم الزواج، ورأى أن المنع منه لم يكن في المسيحية
في عصورها الأُلى، فقر حقهم في الزواج، وتزوج هو فعلا مع انه من رجال الدين، وكان زواجه
من راهبة. [دروس في الديانات السماوية. ص307-310]
قلت: هل المرأة إذا كانت بجوار الرجل يُنتقص من قدره وتقل مكانته عند الله،
إذا كان كذلك فلماذا خلقها الله ! وإذا لم يكن كذلك فلماذا يتخلى الرهبان عن
الزواج؟ لا يجب أن تعامل المرأة بهذا الشكل.
رابعاً: المرأة في الإسلام
لم أفرق بين العرب والعجم تحت هذا العنصر كما
فعلت في الجزء الأول من هذا المقال، لأن الإسلام لم يفرق بينهما.
أما عن حق المرأة في الإسلام فقد وردت الأحاديث الكثيرة في ذلك ، ومن ذلك ما ورد عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {استوصوا
بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء
خيراً} [متفق عليه]
قلت: الوصية لا تكون إلا في الشيء الهام، وكذلك النساء، والخير يراد به
الأفضلية كما قال ربنا عز وجل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فيجب علينا
معاملتهم بالأفضل، والضلع هو أحد مكونات القفص الصدري الذي يحمي الأجهزة الحساسة
في الجسم مثل القلب والرئتين...الخ، كذلك المرأة تحمي الأسرة من الفساد بتربيتها
للأولاد والمحافظة على البيت، ونبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن من
طبيعة المرأة الاعوجاج حتى تعامل بما يناسب طبيعتها، ثم تكررت الوصية بالنساء
خيراً للتأكيد على ذلك.
فهل أعطي أحد النساء مثلما أعطاهن
الإسلام؟ إن الإسلام كرم المرأة في كل مراحل حياتها.
كرم الإسلام المرأة كـ ابنة
لما كان في البنات ضعف شديد وحاجة الى رعاية جاء الإسلام بالترغيب في
رعايتهن ووعد بالجنة لمن يفعل ذلك، ورعايتهن لا تقتصر على المأكل والمشرب والملبس
والسكن فحسب، ولكن من الرعاية تعليمهن وتأديبهن والحفاظ على الجانب الشعوري عندهن
...الخ، لذلك وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم – من يفعل ذلك بأن يكون رفيقه في
الجنة وكفى بها نعمة.
فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
: «لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات، الغاليات، الـمُجَهّزات». [ رواه الإمام أحمد
في المسند(4/ 151)، الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد 7 ]
فلا مقارنه بين من يصفهن بلطف الحديث، وعظم القدر، وبين من يطردهن من البيت
بعد بلوغ الثامنة عشر.
وعن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ: (مَنْ وُلِدَتْ له ابنةٌ فلم يئِدْها ولم يُهنْها، ولم يُؤثرْ
ولَده عليها ـ يعني الذكَرَ ـ أدخلَه اللهُ بها الجنة) [رواه أحمد، وصححه الحاكم]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما
من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه، أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة) [رواه
ابن ماجة]
كرم الإسلام المرأة كـ زوجة
أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجال بالنساء
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا
يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر) أو قال: (غيره). [أخرجه
مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، (2/ 1091)، برقم: (1469).].
وهذه أم المؤمنين عائشة تروي معاملة رسول الله -صل الله عليه وسلم- لها، عن
عائشةَ، رضيَ اللَّهُ عنها، أنَّها كانَت معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ
وسلَّمَ في سفَرٍ قالت: فسابقتُهُ فسبقتُهُ على رجليَّ، فلمَّا حَملتُ اللَّحمَ
سابقتُهُ فسبقَني فقالَ: هذِهِ بتلكَ السَّبقةِ. [صحيح أبي داود] لم يقل لها رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- لقد هزمتك وسبقتك ولكن قال: هذه بتلك، حتى يشعرها أنها
انتصرت عليه -صلى الله عليه وسلم- وهو الآن متعادل معها فلا يجرج مشاعرها.
ولقد أعتنى الإسلام بشعور المرأة أشد العناية
ففي وقت حيضها يحرم على الرجل أن يطلق زوجته، فعَنِ ابْنِ
عُمَرَ، أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهي حَائِضٌ في عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ
تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ
قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ
يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.[صحيح الإمام
مسلم]، وكذلك تسقط عنها الصلاة في فترة الحيض ويؤجل عنها
الصيام.
وأقر لهن الغيرة، ولم يعاقبهن عليها، قال ابن بطال
في شرح البخاري: أن الغيرة للنساء مسموح لهن فيها وغير منكر من أخلاقهن، ولا معاقب
عليها ولا على مثلها؛ لصبر النبي عليه السلام لسماع مثل هذا من قولها، ألا ترى
قولها له: "أرى ربك يسارع في هواك". ولم يرد ذلك عليها ولا زجرها،
وعذرها لما جعل الله في فطرتها من شدة الغيرة.
كرم الإسلام المرأة كـ أم
حافظ الإسلام على الأمهات، فأمك هي التي حملت بك، وتغذيت من طعامها وأنت في
بطنها، ثم وضعتك وما أشد وجع الوضع (الولادة)، ثم أرضعتك، وسهرت معك الليالي ذوات
العدد في مداواتك، وتمريضك، وأثناء بكائك، هذه من بعض رحمات أمك بك في أول سنوات
حياتك، فلذلك كان واجب عليك مراعاتها وبرها، وود في فذلك الكثير من الأدلة.
قال ربنا عز وجل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا) .
قال ابن كثير رحمه الله: "أي: لا تسمعهما قولًا سيِّئًا، حتى ولا
التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ".
وعن ابي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال:
أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك). [متفق عليه]
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ
الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ .
قَالَ " وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ " . قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ
" ارْجِعْ فَبَرَّهَا " . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ
الآخَرِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ
أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ . قَالَ "
وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ " . قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
" فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا " . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ
أَمَامِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ
أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ . قَالَ "
وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ " . قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ " وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ " . [صحيح
ابن ماجه]
حفاظ الاسلام على المرأة ورعايتها
حفاظ الإسلام على المرأة
وضع الإسلام ضوابط للحفاظ على المرأة، وأمر
المرأة بأشياء تساعدها في الحفاظ على نفسها من المتربصين، ومن هذه الضوابط:
1-
الاحتشام في الملبس «وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ»
2-
الاحتشام في
المشي لأن الأصل «فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ» وقال ربنا
عز وجل: «وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ
زِينَتِهِنَّ»
3-
أن يكون خروجها بإذن زوجها. قال -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا
اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» [صحيح مسلم] في الحديث
دلالة على أن المرأة تستأذن حتى لو كانت خارجة إلى المسجد، وعلى الزوج أن يرفق بها
ويأذن لها إذا كان في الخروج خيرن مثل صلة الرحم وحضور دروس العلم وغيره من أمور الخير.
4-
أن تكون في صحبة آمنة أو يكون معها أحد محارمها إن كانت
مسافرة
5-
أن يكون خروجها للضرورة مثل طلب العلم أو غيره من
الضرورات، لأن الأصل قوله تعالى «وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ»
6-
عدم الاختلاط ومزاحمة الرجال «وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ»
7-
عدم الخضوع بالقول (لا تتمايل في كلامها ، ولا ترققه) «إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا»
كما أمر الإسلام الرجال أن يدافعوا عن النساء
إذا تعرض لهم أحدا بسوء، ومن قتل اثناء ذلك فهو شهيد، ولقد حرَّك
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيشا بأكمله من أجل أن امرأة واحدة كُشفت عورتها، "قدمت
امرأة من المسلمين إلى سوق بني قينقاع، وجلست إلى أحد الصاغة اليهود تبيع وتشتري
منه، فجعل اليهود يريدونها على كشف وجهها فرفضت، فجاء أحد
اليهود من خلفها وربط طرف ثوبها برأسها دون أن تشعر، وعندما وقفت انكشفت المرأة فضحكوا بها، فصاحت، فجاء أحد المسلمين وقتل اليهوديَّ الذي فعل ذلك (لم ينكر النبي -صلى الله
علية وسلم- ما فعله هذا الرجل العظيم من قتل الذي كشف عورة المسلمة)، فاجتمع يهود
بني قينقاع على المسلم وقتلوه، فَجَيّشْ النبي -صلى الله عليه وسلم- الجيش وقاتلهم
واجلاهم". [المعين الرائق في سيرة خير الخلائق -خطر النفاق واليهود على الدولة الناشئة-]
رعاية المرأة في الإسلام
أسقط الإسلام النفقة من على المرأة، وجعل ذلك
واجب على الرجال، فقبل زواجها يكفلها أبوها أو أهلها، وبعد الزواج يكفلها زوجها،
ومن كانت لا ولي لها يكفلها، فيكون واجبا على الدولة الإسلامية أن تكفلها من بيت
مال المسلمين على أنه حق لها على الدولة وليس تكرماً من الدولة لها. قال ربنا عز
وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ
اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.
ترث المرأة من ولديها وأولادها وإخوانها
وزوجها ولا يجب عليها النفقة، فإذا كانت المرأة تأخذ ولا يطلب منها عطاء فلماذا تريد
بعض النساء الخروج من كونها وطبيعتها الى أن تصير كالرجل ! إن للمرأة ما يميزها
وللرجل ما يميزه، فلا يطلب من طبيب تخطيط معماري كما لا يطلب من مهندس تشخيص
المرض.
أوجب الإسلام المهر للزوجة فهو حقها الخالص
الذي لا يجوز أخذه بغير طيب نفس منها، حتى إن كانت غنية وزوجها فقير فليس عليها
النفقة بل هي على الرجال.
أسقط عنها الإسلام الشهادة في الحدود
مراعاتاً لعاطفتها وشعورها.
تأخذ المرأة الاجر من الله إذا اعتنت
بأبنائها وفرعت زوجها للعمل والعلم، ولها أجر مثل أجرة من عمله وعلمه حتى وإن هدى
الله به رجل تأخذ أجر هداية هذا الرجل.
إذا طلقها زوجها فيجب عليه أن يوفر لها ولأولدهما
نفقة وسكن. قال ربنا عز وجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن
وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ
حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن
تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}
أذا قذفها شخص فيجلد ويشهر به أمام المجتمع
ولا تقبل له شهادة، إلا أن يتوب(على القول الراجح عند أهل العلم) . قال ربنا عز وجل: {وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
المصادر
- القرآن الكريم
- صحيح مسلم
- صحيح أبي داود
- مسند الامام احمد
- المستدرك
- صحيح بن ماجة
- دور المرأة المسلمة بين الأصالة والمعاصرة
- معجم المعاني الجامع
- العهد القديم
- Healthy Teen Network
- دروس في الديانات السماوية
- العقد الفريد لابن عبد ربه
- المعين الرائق في سيرة خير الخلائق
- للاطلاع على المقالة في مدونة الكاتب اضغط هنا